اتصل بنا عن المجلة الأرشيف الرئيسية
 

إبحث:



 

كتاب ربع سنوي يصدر كملحق لمجلة العربي تصدره وزارة الإعلام بدولة الكويت لمحبي الآداب والفنون

 
 


يوليو-2012

 
 
 
ولادة لوحة
إن أصعب وقت لتلوين اللوحة ورسمها هو البدء بتلوينها. مساحة اللوحة البيضاء تضعني في حيرة وتردّد، تدوم أيامًا. البساطة في اللوحة البيضاء التي لم تُمسّ بعد، تجعلني أتساءل: هل من الأفضل أن أتركها كما هي عذراء وأعلّقها على الحائط وأنظر وأتمتّع ببساطتها ووضوحها، أو آخذ فرشاة ملوّثة بالأحمر مثلاً وألمسها وألطّخها بعد أن كانت لم تمسسها يد إنسان. قلت إن هذه الحالة تدوم أيامًا. كلما أدخل إلى مرسمي ألتفت إليها وأراها كما كانت البارحة وقبل البارحة، تنير المرسم ببياضها ونقائها
أشعر أني شاعر
كلما أردت أن أكتب شعراً، يقف قلمي عند أول كلمة، ولا يتحرّك. أعيده إلى مكانه في جيبي. الآن صممت على أن أبقيه بين أناملي وأحاول كتابة بعض الأسطر من الشعر.. أي شعر لست أدري.. لكني سأحاول. القلم يطيع أناملي ويتحرك فيها ويخط كلمات لا معنى لها.. ربمّا هذا شعر حديث!. أقول حديثاً بصوت خافت وبقلم خافت الصوت لئلا يحدث لي حادث ما. ما همّي، فليحدث الحادث، إني أتابع وقلمي يطيع، وأشعر أن الشعر سيظهر بعد دقائق ربما بعد ثوانٍ
المدينة
هي مجنونة بجمالها، تتجمّل كل صباح، تبقى جميلة طوال النهار والليل.. تستيقظ.. تستيقظ دائماً. هي لا تنام، كيف تنام وهي مفتحة العيون، تنظر إليها. تعيش معها، تعيش فيها وهي تعيش لجمالها. أبقوني جميلة تقول، أذانهم مسدودة. أبقوني جميلة ولا من يسمع، تصمد بوجه الشر، تنام والدّم يسيل من جوانبها وتصحو للشمس، للنور، للدفء، تبقى حنونا، ضاحكة، مجنونة. جنونها عقل وقوة. تقول أنتم أنا.. أبقوني جميلة.. الجمال هو الذي أبقاني حيّة. الجمال هو الحق، الحق قوة
مقهى الزجاج
التقيت مع فريد عواد في مقهى في بيروت في الستينيات من القرن الماضي، وكنت أدرس في الأكاديمية اللبنانية، لكنني شعرت آنذاك أن الأكاديمية لا تكفيني فخرجت أرسم في المقاهي، وقبلها أمضيت ستة أشهر مع رسام مجري في بيروت. ذلك اليوم، كنت في مقهى الزجاج، في ساحة البرج، التي كانت ملتقى كل أحياء المدينة، بل كل لبنان سهوله وجباله، إذ تلتقي فيه سيارات نقل الركاب الذين يأتون إلى بيروت قادمين من كل نواحي لبنان
المرآةُ كاذبةُ
الشّبهُ بيننا يعود إلى الماضي، إلى ماضي كل شخص منّا، أنفي يشبه أنف أبي، وأنف أبي يشبه أنف جدّي، وأنف جدّي يشبه أنف أبيه، أعضاؤنا من أعضاء أجدادنا، لسنا أشخاصاً مميّزين، كل شيء فينا من غيرنا، هذا الغير الذي أوجدنا، لا تفرح بجمال أنفك وسحر عينيك وعذوبة شفتيك، هي ليست لك، كل ما لديك ليس لك، سيأخذه منك مَن سيأتي بعدك، ومَن سيأتي بعدك، سيأتي مَن سيأخذه منه.. و.. مَن يقول أنك ستموت؟ لا.. لن تموت، لم تمت يوماً، لم يمت أحد، منذ أن وُجدنا هنا على هذه الأرض
الفأس والألفباء
حَنِقَ بعد أن برقت عيناه واحمرّتا وكثرت التجاعيد في وجهه، وأخذت أذناه تهتزّان، وشعر رأسه يتماوج. لماذا؟ السّبب أني أعطيت ابنه الدرس الأول في اللغة العريبة مبتدئًا بتعليم الألفباء، وهذا طبيعي، أليس كذلك؟ أرى هذا طبيعيا أن يبتدئ الإنسان بدرس الألفباء، أي ألفباء كانت.. ترى هل ألفباء مذكّر أم مؤنث؟ هل يقال ألفباء (التي) أو الألفباء (الذي)؟ سأبحث عن هذا قريبا
درس في الحرية
ينتشر الليل، تلمع النجوم فتنير المدينة، تتلألأ الشواطئ. تغني الأمواج، تنصت الطيور، يطل قمر، الليلة هي ليلة عرسه. القمر يعلم أن العرس هو كلما بزغ نوره، العاشقون سحروا، أصابهم شرود كالسكارى، لايفقهون بما هم عليه وبما هم فيه، يطغى عليهم شعور لا يعرفونه من قبل، القمر يطل كل ليلة، ينثر نوره كل ليلة، سر من أسرار القمر، مركب تائه يبحر على هدي الرياح، الحرية، قلت له. أجاب: تقول الحرية؟ هي ليست كلمة، هي فعل، قلت: الكلمة لا تمنع الحركة أو الفعل
منقوشة... وشِعر وفَنْ
بدأ يأكل منقوشة، يحبّها محمّصة، زعترها جديد، سمسم كثير وزيت كوراني من الكورة، من شمال لبنان. كل كدشة (قضمة) من المنقوشة تطلع نغماً خاصاً، هي محمّصة، وعندما تكون المنقوشة محمّصة، تصبح أنغامها في الفم مختلفة، أي أن لكل كدشة نغماً كما قلت، وأردّد الآن، بين كدشة وكدشة، كرعة شاي ساخن، سكّره زائد جداً، طعمه طيب جداً، لأن ملوحة المنقوشة تطفئها حلاوة الشاي، لا أقصد أن المنقوشة مالحة، لا، لكن ملوحة المنقوشة لها طعمها، والشاي الحلو له طعمه الخاص
ذكريات فنية وغير فنية في بيروت وباريس
ركبت على ظهر الباخرة «ليديا» في أول رحلة لي إلى باريس، وبما أن باريس ليست على البحر المتوسط، فقد نزلت عن ظهر «ليديا» في مرفأ مرسيليا، وليديا هذه باخرة يونانية وصلت إلى مرفأ أثينا، أي إلى «بيريه» Piree متهالكة، على آخر نفس، ولن أتابع قصتي مع ليديا، لأنها قصة طويلة، عدت إلى بيروت بعد سنة بعد أن فرغت جيوبي من الفرنكات وهي لم تمتلئ مرة. استقبلني أهلي على المرفأ، وعدت معهم إلى البيت، وكنت أنظر إلى الشارع، إلى الطريق
نعمة النسيان
النسيان حالة من الحالات التي يتمتع بها الإنسان، لو لم تكن موجودة، لكان الإنسان في نقصٍ يؤدي به إلى الهلاك.. إلى الجنون. عدم النسيان عاهة، والنسيان رحمة، من الطبيعي أن أكون، أنا نفسي، مرحومًا، وليس كل مرحوم هو إنسان ولّى.. ذهب.. أنا حيّ إذًا أنا أنسى. مرّات عدة أنسى أسماء أشخاص أعيش معهم منذ ولادتهم، هم من العائلة، أخلط الأسماء وأسمّي - مثلًا - سامية بليلى.. وليلى بسلوى، ويوسف بإبراهيم. وجميع هؤلاء لا يلبّون ندائي لهم، لأنهم يعلمون أني لن أكترث لعدم تلبيتهم لنداءاتي، وأنا كذلك، فأزداد فرحًا عندئذٍ لأني من الناس الذين ينسون
7-2012 (89)
أبواب العدد
مقدمة
أفكار في الفن
ذكريات
حواريات
لقاءات معهم
 

 
بريد كتاب العربي

نبذة عن العربي

فهرس الكتـّاب

ابواب كتاب العربي

 
 
 

Powered by:

 

جميع حقوق النشر والاقتباس محفوظة "لمجلة العربي" وزارة الإعلام - دولة الكويت  - 2013